أفادت شبكة سي إن إن نقلاً عن ثلاثة مسؤولين أمريكيين وأوروبيين مطلعين أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أبلغت البيت الأبيض بأنها لا ترى خطراً على مخزونها من الصواريخ في حال تزويد أوكرانيا بصواريخ كروز بعيدة المدى من طراز توماهوك، ما أعطى الحكومة الأميركية أساساً فنياً لتمرير هذه الخطوة إلى مستوى القرار السياسي، الذي لا يزال خاضعاً لإرادة الرئيس دونالد ترامب.
تقييم عسكري ومخاوف سياسية
أبلغت هيئة الأركان المشتركة البيت الأبيض بتقييمها في وقت سابق من الشهر الحالي، قبل لقاء ترامب بنظيره الأوكراني فلوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض. وتُظهر التقييمات أن تزويد أوكرانيا بتوماهوك «لن يستنزف» مخزون الولايات المتحدة الحيوي، وهو ما عزز ثقة الحلفاء الأوروبيين وإضعف الحجج السابقة لرفض التوريد.
مع ذلك، كان موقف ترامب متقلباً أمام الزائر الأوكراني: علناً قال إنه يُفضّل عدم تقديم الصواريخ «لكي لا نتخلى عن أشياء نحتاجها لحماية بلدنا»، وفي لحظة أخرى أعرب عن وجود «الكثير من صواريخ توماهوك» التي يمكن توفيرها. وفي النهاية ظل الرئيس الأمريكي متردداً، ولم يصدر قراراً نهائياً حتى الآن — بحسب مصادر الشبكة.
بُعد رئاسي ورهانات دبلوماسية
تغير موقف ترامب المتكرر فاجأ مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، خصوصاً أن البيت الأبيض كان قد تلقى توصية عسكرية واضحة. وتأتي تردّدات الرئيس بعد مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أبلغ فيها بوتين ترامب أن صواريخ توماهوك قد تضرب مدناً كبرى في روسيا مثل موسكو وسانت بطرسبرغ، وستؤثر على العلاقات بين واشنطن وموسكو حتى لو لم تُحدث فارقاً حاسماً في ساحة المعركة، وفق ما نقلت سي إن إن عن مسؤولين.
تجهيزات وتجارب تشغيلية
مصادر دفاعية أكدت أن البنتاغون لم يبد قلقاً بشأن توفر الصواريخ، لكنّ القلق اندفع نحو الجوانب التشغيلية: كيفية تدريب الأوكرانيين على أنظمة توماهوك وكيفية إطلاقها. فتوماهوك تُطلق عادةً من السفن السطحية أو الغواصات، في حين أن البحرية الأوكرانية تعاني نقصًا في الوسائل. لذلك تدرس واشنطن خيارات عدة، منها تزويد أوكرانيا بمنصات إطلاق أرضية أو إيجاد حلول تقنية تسمح بإطلاق الصواريخ بطرق بديلة.
أشار مسؤولون أوروبيون أيضاً إلى أن أوكرانيا أظهرت قدرة على ابتكار حلول تكتيكية: مهندسون أوكرانيون سبق أن طوّروا تكاملًا لصواريخ Storm Shadow البريطانية مع طائرات، رغم أن تلك الصواريخ صُممت للطيران الحديث. هذا ما أعطى الثقة لدى بعض الحلفاء بأن كييف قد تجد أيضاً طرقًا للتعامل مع توماهوك في حال توافرها.
بُعد استراتيجي لأوكرانيا
أوضح الرئيس الأوكراني زيلينسكي في منشور على موقع X أن بلاده تأمل في توسيع قدراتها بعيدة المدى «بحلول نهاية هذا العام» لتتمكن من إنهاء الحرب «بشروط عادلة». وكتب أن العقوبات الدولية والجهود العسكرية المتكاملة يجب أن تتيح تنفيذ أهداف الضربات العميقة، بما في ذلك توسيع مدى الضربات بعيدة المدى.
سيناريوهات القبول والتنفيذ
بحسب سي إن إن، لم تُحَرّم إدارة ترامب فكرة تسليم توماهوك نهائياً؛ فقد وضعت خططًا لسرعة التوريد حال أصدر الرئيس الأمر. لكن التنفيذ الفعلي يتطلب حلّ القضايا التقنية والتدريبية واللوجستية بسرعة، إلى جانب ضمانات سياسية دولية لتخفيف المخاطر المحتملة على العلاقات مع روسيا.
الخلاصة
أعطى البنتاغون مؤشراً فنياً يسمح بتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك بعيدة المدى، لكنّ القرار السياسي النهائي لا يزال بيد الرئيس ترامب، وسط حسابات عسكرية وتشغيلية ودبلوماسية معقّدة. إذا اتُخذ القرار بالموافقة، فقد تمثل هذه الخطوة تغييرًا نوعيًا في قدرات كييف على استهداف مواقع استراتيجية في عمق الأراضي الروسية، وفي الوقت نفسه ستضع واشنطن أمام اختبار جديد لإدارة تداعياتها السياسية والدبلوماسية.