في واقعة أثارت صدمة وسخرية في آنٍ واحد، كشف تقرير فرنسي حديث عن ثغرات أمنية كارثية في أنظمة متحف اللوفر، أحد أشهر المتاحف في العالم، وذلك عقب عملية السطو الجريئة التي وقعت في 18 أكتوبر الماضي، وأسفرت عن سرقة مجوهرات ملكية تقدر قيمتها بـ102 مليون دولار في وضح النهار.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "ليبراسيون" استناداً إلى وثائق سرية، تبين أن كلمة المرور الخاصة بنظام كاميرات المراقبة في اللوفر كانت ببساطة "LOUVRE"، بينما كانت كلمة مرور نظام آخر هي "THALES"، وهو الاسم ذاته لشركة التكنولوجيا التي طوّرت البرنامج المستخدم في المتحف.
هذه التفاصيل، التي وُصفت بـ"الفضيحة الرقمية"، جعلت من اللوفر مادة للسخرية في أوساط خبراء الأمن السيبراني.
ثغرات أمنية "بدائية" وتحذيرات قديمة
تقرير الوكالة الوطنية الفرنسية للأمن السيبراني (ANSSI) أوضح أن هذه ليست المرة الأولى التي يُحذَّر فيها المتحف من ضعف أنظمته. فخلال مراجعة أجريت عام 2014، نبّهت الوكالة إلى أن أنظمة اللوفر المسؤولة عن الإنذارات والتحكم في الدخول والمراقبة تعاني ضعفاً كبيراً، محذّرة من أن أي اختراق «قد يسهل إحداث أضرار جسيمة أو حتى سرقة أعمال فنية».
ورغم تلك التحذيرات، خلصت المراجعة إلى أن الأنظمة ما زالت "بدائية" وتعتمد على نسخ قديمة من نظام "ويندوز"، وهو ما وصفه الخبراء بأنه "بمثابة ترك باب المنزل مفتوحاً أمام اللصوص".
وفي عام 2017، حذّرت الوكالة مجدداً من أن المتحف "لم يعد قادراً على تجاهل خطر هجوم إلكتروني قد تكون له عواقب كارثية"، لكن يبدو أن التحذيرات ظلت حبيسة التقارير، إذ أظهرت تقييمات لاحقة حتى عام 2025 استمرار المشكلات نفسها دون معالجة جذرية.
سرقة لا تشبه أفلام هوليوود
ورغم الطابع السينمائي لعملية السطو، إلا أن التحقيقات أظهرت أن اللصوص بعيدون عن مستوى العصابات الاحترافية. فقد استخدموا رافعة ميكانيكية مسروقة للوصول إلى قاعة أبولو عبر شرفة جانبية، ثم فتحوا خزائن العرض وفرّوا خلال أربع دقائق فقط، غير أنهم تركوا أدواتهم خلفهم، كما سقط منهم تاج الإمبراطورة أوجيني أثناء الهروب، وفشلوا في إحراق الرافعة لإخفاء الأدلة.
وقالت مدعية باريس، لور بيكوا، في تصريحاتها هذا الأسبوع، إن المجموعة "أقرب إلى مجرمين صغار منها إلى شبكة جريمة منظمة"، مضيفة: "هذه ليست عملية من عمليات النخبة، لكنها بالتأكيد ليست جنحة عادية".
فضيحة تُعيد النظر في أمن المؤسسات الثقافية
تأتي هذه الحادثة لتسلّط الضوء على القصور الأمني في المؤسسات الثقافية الكبرى، التي تُقدّر محتوياتها بمليارات الدولارات، لكنها ما تزال تعتمد على أنظمة سيبرانية متقادمة وكلمات مرور ضعيفة، ويرى خبراء أن ما حدث في اللوفر قد يدفع السلطات الفرنسية إلى إطلاق مراجعة شاملة لأنظمة حماية المتاحف والمراكز الفنية، تجنباً لتكرار سيناريو مشابه.