تتصاعد مجددًا مؤشرات القلق في أوروبا من احتمالات المواجهة بين حلف شمال الأطلسي (الناتو) وروسيا، بعد إعلان الفريق ألكسندر زولفرانك، قائد القيادة المشتركة للدعم والتمكين التابعة للحلف، أن ألمانيا ستتحول إلى القاعدة المركزية للناتو في حال اندلاع أي صراع مستقبلي مع موسكو.
وقال زولفرانك، خلال مؤتمر للجيش الألماني، وفق ما نقلته صحيفة "دي تسايت" الألمانية: "في حال نشوب صراع، ستصبح ألمانيا منطقة انطلاق مركزية لحلف الناتو. وفي أقرب وقت ممكن، يمكن نشر ما يصل إلى 800 ألف جندي ومعداتهم من مختلف دول الناتو عبر ألمانيا إلى الجناح الشرقي".
عبء استراتيجي على برلين
الحديث عن دور ألمانيا كمحور رئيسي في البنية اللوجستية للناتو يضع برلين أمام عبء ثقيل، إذ ستكون في حال أي مواجهة مفتوحة، والمعبر الرئيس للقوات والمعدات نحو الجبهات الشرقية، من بولندا إلى دول البلطيق.
وتشير الصحيفة إلى أن زولفرانك شدد على أن "الحلف يدرك أنه إذا تعثر نشر قوات التحالف أو وصل متأخرًا أو كان غير منسق، فإن ردع روسيا سوف يفشل"، ما يعني أن ألمانيا ستكون مسؤولة عن مفصل زمني حساس في أي عملية دفاعية أو هجومية للناتو.
وتعتبر القيادة المشتركة للدعم والتمكين (JSEC) أحد الأذرع الرئيسية في هيكل الناتو الحديث، ومقرها مدينة أولم الألمانية، وتُعنى بتأمين سلاسة حركة القوات والمعدات داخل القارة الأوروبية في الأزمات.
ميرتس: “تغيير جذري في العقلية”
وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "فيلت" عن المستشار الألماني فريدريش ميرتس دعوته إلى "تغيير جذري في العقلية" وتسريع وتيرة تعزيز القدرات الدفاعية الألمانية، وسط ما وصفه بـ"الهستيريا الأوروبية" بشأن التهديد الروسي المتصاعد.
وقال ميرتس خلال المؤتمر العسكري نفسه: "تعزيز القدرة القتالية للجيش الألماني لا يعتمد فقط على الدبابات والطائرات، بل على العنصر البشري. لذلك، ينبغي أن يكون قانون التجنيد الإجباري الجديد حجر الأساس في منظومتنا الدفاعية المقبلة".
روته يدعو إلى “مواجهة طويلة الأمد”
من جانبه، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، خلال منتدى صناعي دفاعي في رومانيا، الحلفاء إلى الاستعداد لـ"مواجهة طويلة الأمد" مع روسيا، واصفًا إياها بأنها "قوة مزعزعة للاستقرار في أوروبا والعالم".
ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه مؤشرات عسكرة أوروبا مجددًا، بعد أن أعلنت عدة دول من بينها بولندا والسويد وفنلندا عن خطط لتوسيع ميزانياتها الدفاعية وإعادة تفعيل التجنيد الإجباري.
الرد الروسي: قلق وتحذير
في المقابل، أعربت السلطات الروسية مرارًا عن قلقها من النشاط غير المسبوق للناتو قرب حدودها الغربية، معتبرة أن الحشد العسكري المتزايد في أوروبا الشرقية "يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن الروسي".
وقال الكرملين في بيان سابق إن "موسكو لا تهدد أحدًا لكنها لن تتغاضى عن الإجراءات التي يحتمل أن تكون خطيرة على مصالحها"، مشيرًا إلى أن الحلف يستخدم ذريعة الردع لتبرير تمدده المتسارع في مناطق النفوذ الروسية التقليدية.