بيتكوين: 112,430.99 الدولار/ليرة تركية: 41.41 الدولار/ليرة سورية: 13,111.16 الدولار/دينار جزائري: 129.75 الدولار/جنيه مصري: 48.19 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا
سوريا
مصر
مصر
ليبيا
ليبيا
لبنان
لبنان
المغرب
المغرب
الكويت
الكويت
العراق
العراق
السودان
السودان
الاردن
الاردن
السعودية
السعودية
الامارات
الامارات
فلسطين
فلسطين
حوارات خاصة اقتصاد ومال

أسعار الذهب بين السياسة والاقتصاد.. لماذا تقفز إلى مستويات قياسية وما علاقة الهند والصين؟

أسعار الذهب بين السياسة والاقتصاد.. لماذا تقفز إلى مستويات قياسية وما علاقة الهند والصين؟

في أسواق المال العالمية، لم يعد السؤال المطروح، هل سيواصل الذهب صعوده؟ بل أصبح: إلى أي مستوى يمكن أن تصل أسعار الذهب؟

فخلال الأشهر الأخيرة، اخترق المعدن النفيس مستويات قياسية غير مسبوقة، متجاوزاً حاجز 2300 دولار ثم 2500 في وقت قياسي، وسط توقعات جدّية ببلوغه 4000 دولار للأونصة خلال الفترة المقبلة، وهذا التحول اللافت لا يعكس مجرد موجة مضاربة، بل يكشف عن تحولات عميقة في التوازنات النقدية والمالية العالمية.

العوامل المحركة لصعود الذهب

خلال الشهر الجاري، تجاوز سعر الذهب مستوى 3,700 دولار للأونصة بعد أن خفّض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة، مع توقعات بتخفيضات إضافية، أيضاً الطلب الرسمي من البنوك المركزية زاد بشكل ملحوظ، فالصين أضافت نحو 13 طناً في الربع الأول من 2025، والهند كذلك أضافت كميات مهمة.

الخبير المالي والاقتصادي نايل الجوابرة يوضح، خلال حديث لوكالة ستيب نيوز أن ارتفاع الذهب ليس نتيجة عامل واحد، بل هو نتاج تفاعل مركب بين الاقتصاد الكلي والظروف الجيوسياسية. 

ويقول في حديثه: "العوامل التي تؤثر حالياً على صعود أسعار الذهب مرتبطة بالجانبين معاً: الاقتصادي والجيو-سياسي، وأبرز ما يدفع الأسعار إلى الارتفاع هو خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، إذ يشكل ذلك عاملاً أساسياً في توجّه المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن".

خفض أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أدى إلى ضغط مباشر على عوائد السندات الحكومية، ما جعلها أقل جاذبية للمستثمرين، وفي المقابل، زادت شهية المستثمرين لشراء الذهب كبديل آمن يحافظ على القيمة، وهذا التحول البنيوي في استراتيجيات الاستثمار يفسر كثيراً من الزخم الذي شهده المعدن الأصفر.

هل تستمر أسعار الذهب بالارتفاع نحو 4000 دولار؟

بنك “Deutsche Bank” رفع توقعاته لسعر الذهب عام 2026 إلى 4000 دولار للأونصة، مستنداً إلى الطلب القوي من البنوك المركزية، وضعف الدولار، وتوقع خفض الفائدة، أيضاً مؤسّسات مالية كـ J.P. Morgan تتوقع أن السعر قد يقترب من هذا المستوى المتوسط بنهاية 2025 أو منتصف 2026 إذا استمرت الشروط الحالية.

التوقعات حول مستقبل الذهب هي محور النقاش الأهم حالياً، ويرى الجوابرة أن المؤشرات الحالية تؤكد أن الأسعار مرشحة لمزيد من الصعود.

ويقول: "هذا الاتجاه مستمر منذ بداية عام 2024، حيث شهدنا صعود الذهب من مستوى 2000 دولار للأونصة نحو مستويات قياسية، مع توقعات ببلوغه حاجز 4000 دولار، والمؤشرات الحالية توحي بأن الذهب قد يواصل الارتفاع أكثر من ذلك، خاصة وأن الصناديق الاستثمارية المتحوطة بالذهب لا تزال متمسكة بمراكزها".

إلى جانب ذلك، تلعب مشتريات الصين والهند دوراً محورياً في دفع الأسعار صعوداً، فقد سجلت الدولتان أكبر عمليات شراء للذهب في تاريخيهما الحديث، وهو ما عزز الطلب العالمي ورسّخ التوقعات بأن الارتفاعات لن تكون قصيرة المدى، وكل يوم تقريباً يسجل الذهب مستوى قياسياً جديداً، مما يعكس قوة العوامل الداعمة له.

العلاقة المعقدة مع الدولار والفائدة

الدولار الأمريكي سجل ضعفاً نسبياً، مما جعل الذهب أرخص لحائزي العملات الأخرى، بالتالي ضعُف الدولار يُعتبر عاملاً داعماً لارتفاع الذهب، وتوقعات الأسواق تشير إلى خفض الفائدة مرتين إضافياً في 2025 من قبل الاحتياطي الفيدرالي، مما يُسهم بزيادة الطلب على الذهب كأصل لا يحمل عائداً بفعل خصائصه كملاذ آمن.

الذهب والدولار غالباً ما يتحركان في اتجاهين متعاكسين، ومع ضعف العملة الأمريكية في الفترة الأخيرة، تعززت جاذبية المعدن النفيس. 

يشرح الجوابرة: "يظل ضعف الدولار الأمريكي عاملاً داعماً إضافياً لسعر الذهب، والتخلي التدريجي عن السندات الحكومية لصالح الذهب ساهم في هذا الاتجاه الصعودي".

هذا التوجه لا يقتصر على المستثمرين الأفراد فحسب، بل يشمل أيضاً المؤسسات الكبرى وصناديق التحوط، وانخفاض الفائدة جعل تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب أقل بكثير، فالمستثمرون لا يخسرون الكثير من العوائد المحتملة حين يحتفظون بالذهب بدلاً من أدوات الدين.

لكن السؤال الأهم: ماذا لو غيّر الاحتياطي الفيدرالي مساره ولم يخفض الفائدة كما يتوقع السوق؟ عندها قد يتعرض الذهب إلى ضغوط تصحيحية، لكن استمرار الطلب الجيوسياسي والرسمي (من قبل البنوك المركزية) قد يمنع انهيارات كبرى.

دور البنوك المركزية: تحولات استراتيجية لا مجرد تحوّط

تقرير من مجلس الذهب العالمي يشير إلى أن مشتريات البنوك المركزية تُشكل جزءاً متزايداً من الطلب على الذهب عبر السنوات الأخيرة، وأن هذه المشتريات لا تقتصر على دول كبرى مثل الهند والصين بل تشمل اقتصادات ناشئة ومنطقة الشرق الأوسط كذلك.

وكان من أبرز الظواهر اللافتة في السنوات الأخيرة هو لجوء البنوك المركزية في آسيا وأوروبا وحتى في بعض الاقتصادات الناشئة إلى شراء الذهب بكميات متزايدة. 

وهذه الظاهرة تحمل دلالات استراتيجية، فهي تعكس رغبة متنامية في تقليل الاعتماد على الدولار كعملة احتياط رئيسية.

الجوابرة يعلق على ذلك قائلاً: "مشتريات البنوك المركزية المتزايدة من الذهب تلعب دوراً جوهرياً في دعم الأسعار، باعتباره الملاذ الآمن الأبرز. هذه العمليات الشرائية تدعم بشكل كبير المستويات القياسية التي نراها اليوم".

ولا ترتبط التحولات في المحافظ الرسمية بالخوف فقط من تقلبات السوق، بل تعكس أيضاً حسابات سياسية، خصوصاً مع ازدياد التوترات التجارية وفرض الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها الكبار.

انعكاسات عربية: من المستورد إلى المنتج

ارتفاع الأسعار العالمية للذهب، مع الضغوط التضخمية وضعف الدولار، يُترجَم إلى تكلفة أعلى للذهب المستورد في الدول العربية، وهو ما قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على العملة المحلية والتضخم.

والتأثير لا يتوقف عند حدود الأسواق العالمية، بل يمتد إلى الاقتصادات العربية، فالدول المستوردة للذهب – مثل مصر والمغرب – ستواجه ضغوطاً متزايدة على عملاتها المحلية مع ارتفاع الأسعار العالمية، ما قد يفاقم معدلات التضخم. في المقابل، الدول المنتجة مثل السودان أو موريتانيا قد تستفيد من هذه الطفرة عبر زيادة عائداتها من التصدير.

ويشير الجوابرة إلى جانب آخر: "توجه بعض الدول لزيادة احتياطاتها من الذهب يمنح عملاتها دعماً إضافياً، ويحد نسبياً من معدلات التضخم، ومع ذلك، تبقى مؤشرات التضخم العالمية في حالة صعود نتيجة استمرار الضعف الاقتصادي في الاقتصادات الكبرى".

وهذا التوازن المعقد يجعل من الذهب أداة مزدوجة، فهو يثقل كاهل بعض الاقتصادات، بينما يشكل فرصة ذهبية لاقتصادات أخرى.

 

 

ليس موجة عابرة

الارتفاع القياسي في أسعار الذهب ليس موجة عابرة، بل هو انعكاس لمرحلة انتقالية في النظام المالي العالمي، وما بين خفض الفائدة الأمريكية، وضعف الدولار، والمشتريات الضخمة من الصين والهند، وتحولات البنوك المركزية، يجد الذهب نفسه في قلب مشهد اقتصادي وجيوسياسي متغير.

وقد يحقق المعدن الأصفر حلم المتفائلين بملامسة 4000 دولار للأونصة، وربما أبعد من ذلك، لكن جوهر القصة يتجاوز الأرقام، فالذهب اليوم أصبح مرآة لعدم اليقين العالمي، و"الملاذ الآمن" الذي يلجأ إليه الجميع في زمن تتزايد فيه المخاطر.

 

إعداد: جهاد عبد الله - ستيب نيوز

المقال التالي المقال السابق
0