بيتكوين: 106,832.18 الدولار/ليرة تركية: 41.93 الدولار/ليرة سورية: 12,901.67 الدولار/دينار جزائري: 130.28 الدولار/جنيه مصري: 47.59 الدولار/ريال سعودي: 3.75
قصص الأخبار
سوريا - قصة - وكالة ستيب نيوز
سوريا
مصر - قصة - وكالة ستيب نيوز
مصر
ليبيا - قصة - وكالة ستيب نيوز
ليبيا
لبنان - قصة - وكالة ستيب نيوز
لبنان
المغرب - قصة - وكالة ستيب نيوز
المغرب
الكويت - قصة - وكالة ستيب نيوز
الكويت
العراق - قصة - وكالة ستيب نيوز
العراق
السودان - قصة - وكالة ستيب نيوز
السودان
الاردن - قصة - وكالة ستيب نيوز
الاردن
السعودية - قصة - وكالة ستيب نيوز
السعودية
الامارات - قصة - وكالة ستيب نيوز
الامارات
فلسطين - قصة - وكالة ستيب نيوز
فلسطين
حوارات خاصة اقتصاد ومال

بنوك العالم تشتري الذهب بلا توقف وأسعاره تقفز لأرقام تاريخية.. هل يرتبط ذلك بـ"حدث عظيم" مقبل؟

بنوك العالم تشتري الذهب بلا توقف وأسعاره تقفز لأرقام تاريخية.. هل يرتبط ذلك بـ"حدث عظيم" مقبل؟ - أخبار - وكالة ستيب نيوز

يواصل الذهب توهّجه كأنه النبض الأخير للثقة في اقتصادٍ يتداعى من الداخل، في زمنٍ يتبدّل فيه كل شيء من خرائط النفوذ السياسي إلى قواعد السوق، حيث تخترق الأسعار مستويات غير مسبوقة وصلت لأكثر من 4200 دولار للأونصة، والمستثمرون من الشرق إلى الغرب يسابقون الزمن لاقتناص ما تبقى من “الملاذ الآمن”، فيما البنوك المركزية تكدّس الذهب بوتيرة غير مسبوقة منذ نصف قرن.

ليطرح السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل نحن أمام موجة صعود عابرة، أم أن العالم لحدث عظيم؟

مزيج نادر من العوامل.. الذهب في صدارة مشهد اقتصادي مرتبك

الارتفاع القياسي الأخير في أسعار الذهب لم يكن وليد صدفة أو حركة مضاربة قصيرة، بل نتاج تفاعل معقّد بين عوامل نقدية وجيوسياسية واستراتيجية.

الخبير الاقتصادي ملهم الجزماتي خلال حديث لوكالة ستيب نيوز يرى أن "الارتفاع الحالي في أسعار الذهب ليس وليد عامل واحد، بل هو نتاج تفاعل معقد بين عدة قوى اقتصادية وجيوسياسية متشابكة".

ويضيف: "التوقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية تلعب دوراً محورياً، إذ تنخفض العوائد الحقيقية للأصول ذات الدخل الثابت، مما يعزز جاذبية الذهب كخيار بديل يحتفظ بالقيمة رغم أنه لا يدرّ عائداً مباشراً."

يُضاف إلى ذلك ضعف الدولار الأمريكي الذي جعل المعدن النفيس أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب، خصوصاً مع تراجع الثقة بالعملات الورقية الرئيسية بعد تضخّم الديون السيادية الأمريكية إلى أكثر من 37 تريليون دولار وهو رقم يثير الذعر في أسواق المال العالمية.

وفي هذه البيئة، أصبح الذهب ليس مجرد سلعة استثمارية، بل مخزوناً نفسياً من الطمأنينة أمام هشاشة الاقتصاد العالمي، حيث تتراجع الثقة بالأنظمة المالية الغربية وبقدرة الدولار على البقاء عملة مهيمنة دون منافس.

الفائدة والدولار.. شرارة الانطلاق

يرتبط الذهب ارتباطاً وثيقاً بالدورة النقدية الأمريكية، فكلّما أقدم الاحتياطي الفيدرالي على خفض أسعار الفائدة، تقلّ العوائد الحقيقية على السندات والأصول المقوّمة بالدولار، فتتحرّك رؤوس الأموال نحو الذهب بوصفه ملاذاً يحافظ على القيمة.

ويشرح الجزماتي هذه العلاقة بقوله: "عندما يخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، تنخفض تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب، لأن العوائد على السندات تصبح أقل جاذبية، فيتجه المستثمرون نحو المعدن الأصفر كبديل آمن."

وبالتوازي، يؤدي خفض الفائدة إلى إضعاف الدولار، مما يجعل الأونصة أرخص لحاملي العملات الأخرى، وهو ما يخلق دورة شراء عالمية متسارعة ترفع الأسعار إلى مستويات قياسية.

ومن الناحية التقنية، تشير تحليلات الأسواق إلى أن العائد الحقيقي السلبي أصبح أحد المحركات الرئيسية لهذه الموجة، إذ باتت الأموال “الراكدة” تبحث عن مأوى يجنّبها التآكل التضخّمي في ظل ركود اقتصادي عالمي صامت.

تحوّل البنوك المركزية: الذهب من أصل احتياطي إلى سلاح سيادي

ربما تكون مشتريات البنوك المركزية هي العامل الأكثر تأثيراً في المرحلة الراهنة، فوفقاً لتقارير مجلس الذهب العالمي، تشتري الدول اليوم كميات من الذهب تفوق ما كانت تشتريه خلال أزمات العقدين الماضيين مجتمعين.

يقول الجزماتي: "تحولت استراتيجيات البنوك المركزية نحو الذهب كرصيد سيادي استراتيجي، في ظل الحديث المتزايد عن ’إزالة الدولرة‘ واستخدام الذهب كأداة لمواجهة الهيمنة المالية الغربية."

ويضيف أن "الصين وروسيا ودول بريكس تقود هذا الاتجاه، عبر تراكم احتياطيات ضخمة من الذهب لتعزيز استقلالها النقدي وتقليل اعتمادها على النظام المالي الغربي".

هذه الاستراتيجية لا تقتصر على المناورة الاقتصادية فقط، بل تمثل تحدياً سيادياً مباشراً للنظام القائم على الدولار.

فبعد تجميد الولايات المتحدة أصولاً روسية بقيمة 300 مليار دولار عقب غزو أوكرانيا، بدأت دول عديدة تدرك أن الاحتياطات الورقية في البنوك الغربية لم تعد “آمنة سياسياً”، وأن الذهب هو الأصل الوحيد الذي لا يمكن مصادرته أو تجميده.

جيوسياسة الذهب: وثيقة التأمين ضد الحروب

منذ الحرب الباردة وحتى اليوم، كان الذهب دومًا مرآة التوترات العالمية، والآن، ومع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، واحتدام الصراع بين الصين والولايات المتحدة، والاشتباك غير المعلن بين روسيا وحلف الناتو، يعود الذهب ليؤكد مكانته كـ“وثيقة تأمين ضد الكارثة”.

يؤكد الجزماتي أن "موجة الشراء الحالية يمكن تفسيرها على أنها تحوّط واضح ضد احتمالات تصعيد عسكري عالمي"، مضيفاً أن "الذهب تاريخياً يزدهر في أوقات الحروب والأزمات، لأنه يحتفظ بقيمته بغض النظر عن انهيار العملات أو الأنظمة المالية".

التاريخ يبرهن ذلك، ففي كل مرة اهتز فيها النظام المالي الدولي، من أزمة 2008 إلى جائحة كورونا، كان الذهب أول من ينهض من الركام.

لكن الفارق هذه المرة أن العوامل السياسية والاقتصادية تتقاطع في مسار واحد، ما يجعل الارتفاع أكثر عمقاً من أن يُختزل في رد فعل مؤقت.

ما بين الظرف الاستثنائي والتحول الهيكلي

السؤال المركزي اليوم، هل نحن أمام دورة اقتصادية طبيعية أم تحوّل هيكلي في سوق الذهب العالمي؟

يجيب الجزماتي بأن "العامل الأساسي، وهو خفض الفائدة وانخفاض العوائد الحقيقية، موجود بالفعل، لكنه لا يكفي لتفسير هذا الارتفاع الفجائي"، مضيفاً أن "ما يجعل الوضع الحالي استثنائياً هو استمرار البنوك المركزية في الشراء رغم ارتفاع الأسعار، وتزايد التوترات في ظل غياب البدائل الآمنة".

بمعنى آخر، الذهب اليوم يُعاد تعريفه، فلم يعد مجرد أصل تحوّطي مؤقت ضد الأزمات، بل صار ركناً في إعادة هندسة النظام النقدي العالمي، حيث تتراجع مكانة الدولار تدريجياً أمام نظام متعدّد الأقطاب، يُعاد فيه توزيع الثقة بين عملات وسلع حقيقية.

بنوك العالم تشتري الذهب بلا توقف وأسعاره تقفز لأرقام تاريخية.. هل يرتبط ذلك بـ

الذهب كعملة المستقبل؟

تتداول بعض الأوساط الاقتصادية سيناريوهات مستقبلية تتحدث عن بناء نظام نقدي موازٍ مدعوم بالذهب، خاصة في إطار التكتلات الجديدة مثل "بريكس+".

ويرى الجزماتي أن "الصين تسعى لزيادة نسبة الذهب ضمن احتياطاتها لتعزيز مصداقية اليوان وتقليل اعتماده على الدولار"، مشيراً إلى أن هذا المسار "يعكس طموحاً أوسع لبناء نظام ذهبي موازٍ يقلل من هيمنة الدولار ويعزز استقلالية الدول غير الغربية".

تلك الخطوات، وإن كانت تدريجية، إلا أنها تحمل دلالات استراتيجية عميقة، فالعالم يبدو وكأنه يدخل عصر التنافس النقدي المفتوح، حيث قد يصبح الذهب مجددًا محور القوة الاقتصادية، بعد أن ظل لعقود في الظل خلف النظام الورقي الأمريكي.

توقعات المشهد القادم: سقف الارتفاع مفتوح

بالنسبة لتوقعات الأسعار، يطرح الجزماتي سيناريوهين رئيسيين:

السيناريو الأول (الصعود المكمل): يراه الأكثر احتمالاً، إذ يمكن أن تواصل الأسعار صعودها نحو 4,500 – 5,000 دولار للأونصة خلال الأشهر المقبلة، مدفوعة بخفض إضافي للفائدة الأمريكية وتزايد التوترات وضعف الدولار.

في هذه الحالة، سيزداد اعتماد البنوك المركزية على الذهب، ما يعزز الموجة الصعودية بشكل هيكلي.

السيناريو الثاني (التصحيح المؤقت): احتمال أقل لكنه قائم، يفترض هبوطًا إلى حدود 3,700 – 4,000 دولار للأونصة في حال شهد العالم تهدئة جيوسياسية مفاجئة أو تغيّرًا جذريًا في سياسة الفيدرالي.

ومع ذلك، يشير الجزماتي إلى أن “أي تصحيح سيكون مؤقتاً، لأن العوامل الهيكلية الداعمة للذهب ستظل حاضرة.”

عودة الذهب كمرآة لفوضى العالم

الذهب اليوم لم يعد مجرّد سلعة ثمينة، بل أداة سيادية وسياسية ونفسية في آنٍ واحد، فمن واشنطن إلى بكين، ومن البنوك المركزية إلى الأفراد، فالجميع يتعامل مع المعدن الأصفر كأنه رمز النجاة الأخير في نظام مالي يترنّح.

وإذا كانت الورقة الخضراء قد حكمت العالم لعقود، فإن بريق الذهب يلمع الآن كإشارة إلى مرحلة جديدة، لا تقتصر على الارتفاعات السعرية، بل ربما تمهّد لولادة نظام نقدي متعدد الأقطاب، حيث تتقاسم المعادن والعملات الرقمية والمصادر السيادية القديمة النفوذ على مستقبل الثقة، كما أن ذلك قد يعطي إشارات "تاريخية" لحدث "عظيم" كما حصل سابقاً من توترات عسكرية وجيوسياسية بالعالم عندما بدأت الدول العظمى تخزين الذهب استعداداً لأي طارئ.

اقرأ المزيد|| أسعار الذهب بين السياسة والاقتصاد.. لماذا تقفز إلى مستويات قياسية

 

إعداد: جهاد عبد الله - ستيب نيوز

المقال التالي المقال السابق