لم يكن يخطر بالبال أن يعود يوماً رفعت الأسد إلى سوريا بمرحلة قد تكون فيها البلاد بأسوأ الظروف منذ عقود، ورغم أن الرجل خرج على إثر محاولة انقلاب على أخيه حافظ ولبس عباءة المعارضة إلا أنه عاد بترحيب من بشار بشرط الابتعاد عن السياسة والدولة.
ولكن رفعت الأسد بات مطلوباً وملاحقاً من دول أوروبية منها فرنسا وسويسرا، وحكم عليه مؤخراً بالسجن 4 سنوات في فرنسا التي يسكنها منذ سنوات، وجاءت عودته بعد أيام من عودة مكتب الإنتربول الدولي لدمشق، بالإضافة لموجة تغييرات بالموقف الدولي تجاه النظام السوري.
وللوقوف على تداعيات عودة رفعت الأسد إلى سوريا وظروفها المحيطة والشكل المتوقع لدوره القادم بالبلاد، وما إمكانية ملاحقته قانونياً بعد الهروب الكبير من مشارف السجن، التقت وكالة ستيب الإخبارية، مدير تجمع المحاميين السوريين، غزوان قرنفل، والدكتور بعلاقات الدولية والمحلل السياسي السوري، صلاح قيراطة.
صفقة تهريب رفعت الأسد
وفق وسائل إعلام النظام السوري فقد عاد رفعت الأسد إلى سوريا يوم الخميس الفائت، بعد السماح له من قبل الرئيس السوري وابن أخيه، بشار الأسد، لكن ذلك بشرط الابتعاد عن السياسة والمجتمع.
يقول الدكتور صلاح قيراطة: رفعت الأسد موجود في سوريا منذ أكثر من 48 ساعة، وقضية تهريبه من فرنسا أكبر من قيم الجمهورية الفرنسية، حيث نحن أمام حالة مقايضة.
ويتساءل: " من المعلوم أن من يطلب شاهداً على ذمة قضية يعمم أسمه على المعابر والمطارات والموانئ حتى لا يغادر البلاد، فكيف برجل مطلوب وعليه قضايا كبيرة ومتشعبة؟".
ويضيف: نحن أمام قضية تمس سيادة فرنسا بالصميم وتسقط كل ادعاءاتها بحقوق الإنسان والحريات وسيادة القانون واستقلال القضاء، وقضية رفعت الأسد التي صدر حكم عليه بالسجن 4 سنوات كانت تحت ضغوط من الدولة وأخرى مخابراتية من أجل توصيف جريمة رفعت الأسد بحيث تبقي أمواله وأملاكه لديها بدلاً من إعادتها لأصحابها السوريين، فكما يبدو أن فرنسا اكتفت بأموال رفعت مقابل تمكينه من العودة بسلام.
ويؤكد "قيراطة" بأن عودة رفعت الأسد تبدو متقاربة مع خطوات التطبيع التي قامت بها دول عدة باتجاه النظام السوري، معتبراً أن رفعت كان يوماً هاماً وضرورياً ثم خطيراً، واليوم عاد ليصبح ضرورياً بمكان من أركان النظام السوري، وربما لن يكون رفعت كشخص هو الخطر الذي لم يعيه بشار الأسد، بينما يرى بأن أبنائه الذين قد يطمعون بالسُلطة وعادو معه، قد يشكلون تحالفات داخلية في النظام السوري، ويشير إلى أن الراديكاليين من الطائفة العلوية قريبون من رفعت الأسد وأبنائه وشقيقه ماهر أكثر من بشار.
ويوضّح "قيراطة" بأن هناك صفقة حقيقية لخروج رفعت الأسد من فرنسا ووصوله إلى سوريا، مشيراً إلى أن فرنسا اليوم أمام مشاكل كبيرة سياسية ودبلوماسية مع العديد من الدول وقد تحتاج لبعض الصفقات المخابراتية والأمنية بالوضع الراهن.
ويقول: أرى بأن إعادة رفعت الأسد بهذا الوقت مناورة من قبل بعض الدول بهدف الحفاظ على النظام السوري والإبقاء على الوضع الراهن، ونذكر أيضاً أن الأسد يملك مع أبنائه اتصالات عربية ودولية يعتد بها.
ويشدد على أن ما يحسب على فرنسا بالقضية بأنها حاكمت وعاقبت رفعت الأسد على تهرب ضريبي وغسيل أموال من أجل إبقاء هذه الأموال لديها، بالوقت الذي أعطت هذا الرجل ملاذاً آمناُ لسنوات طويله هو وغيره، فالأمر ليس معاقبة مجرم بقدر ما هو مصلحة ما لها فقط، حسب وصفه.
ما وراء العودة المفاجئة؟
يشرح "صلاح قيراطة" بان الطائفة العلوية وهي طائفة الرئيس السوري وأبرز أركان حكمه، وصلوا إلى مرحلة تشتت وضعف لا سيما من خلال خلافات داخلية ومن بينها خلافات "مخلوف الأسد" وغيرها، وعودة رفعت الأسد قد تكون نوع من ترتيب الأوراق الداخلية بوقت حساس.
ويقول: قد يشعر العلويون بأن بشار الأسد فشل بحمايتهم، وأنه ضحى بآلاف الأشخاص مقابل حماية كرسيه، وباتت الأرقام تتحدث عن هجرة بالآلاف من أبناء الساحل السوري لمكان أكثر استقرار وأمن لهم من البلاد المدمرة، وبذلك بات شخص مثل رفعت الأسد ضرورة لحماية البقية، لذلك وجد بشار بأن وجود رفعت يعتبر نوع من التطمينات لطائفته وتدعيم لأسرته، رغم أن رفعت الأسد قال يوماً عند وفاة حافظ بأنه أحق من بشار بالسُلطة.
[caption id="attachment_406680" align="aligncenter" width="1080"]
من هو رفعت الأسد عم رئيس النظام السوري بشار الأسد" width="1080" height="1080" /> في ظل الحديث عن عودته الى سوريا.. من هو رفعت الأسد عم رئيس النظام السوري بشار الأسد[/caption]
ما هي أركان صفقة تهريب رفعت الأسد من فرنسا إلى سوريا وهل يقدر الإنتربول على ملاحقته[/caption]
حاورهم: جهاد عبد الله