شهدت محافظة قابس جنوب شرقي تونس، اليوم الأربعاء، حالات اختناق جديدة في صفوف الطلاب نتيجة استمرار تسرب الغازات السامة المنبعثة من المجمع الكيميائي بالمدينة، وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإغلاق المجمع أو نقله خارج المناطق السكنية.
حالات اختناق داخل مؤسسة تعليمية
وأكد الناشط البيئي ومدير حملة "أوقفوا التلوث"، خيرالدين دبيّة، أن المدرسة الإعدادية بشط السلام سجّلت صباح اليوم عدة حالات اختناق في صفوف الطلاب، تم نقلهم إلى المستشفى المحلي لتلقي الإسعافات.
ونشر دبيّة على صفحته في "فيسبوك" مقطع فيديو يوثق لحظات الفزع داخل المؤسسة التعليمية، حيث ظهر عدد من الطلاب في حالة إغماء ويعانون من صعوبات في التنفس، وسط حالة من الهلع والغضب بين الأهالي الذين سارعوا إلى المكان مطالبين بـ"تدخل عاجل لإيقاف الكارثة المتواصلة"، مؤكدين أن الوضع الصحي والبيئي في المدينة "لم يعد يُحتمل".
مجمع كيميائي مثير للجدل
ويُتهم المجمع الكيميائي في قابس، الذي يعود نشاطه إلى سبعينيات القرن الماضي، بأنه المصدر الرئيسي للتلوث في المنطقة، إذ يتسبب في انبعاثات غازية خطيرة وتسرّب مواد كيميائية إلى البحر، ما أدى إلى انتشار أمراض تنفسية ومشاكل بيئية مزمنة، خصوصاً في الأحياء القريبة من المجمع.
ورغم تكرار حوادث الاختناق، يواصل المجمع نشاطه دون توقف، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الموجهة إلى السلطات التونسية بسبب ما يصفه الأهالي بـ"التقاعس عن حماية أرواح السكان"، معتبرين أن التلوث بلغ مستويات "كارثية" تهدد الصحة العامة.
احتجاجات متواصلة ومطالب بإغلاق المجمع
في الأثناء، تواصلت اليوم الاحتجاجات الشعبية في مدينة قابس، بمشاركة منظمات المجتمع المدني وعدد من النشطاء البيئيين، للمطالبة بتفكيك المجمع الكيميائي أو نقله إلى منطقة صناعية بعيدة عن التجمعات السكنية.
ويركز المحتجون على ضرورة تنفيذ القرار الحكومي الصادر عام 2017، الذي يقضي بوقف سكب مادة الفوسفوجيبس في البحر، والتخلّي عن الوحدات الصناعية الملوثة المرتبطة بإنتاجها، مع إنشاء وحدات جديدة تراعي معايير السلامة البيئية.
خطة حكومية مرفوضة شعبياً
ومؤخراً، أعلنت الحكومة التونسية عن خطة وطنية لمعالجة أزمة التلوث في قابس، تتضمن مشاريع للحد من الانبعاثات الغازية وتحسين الوضع البيئي في المنطقة. غير أن هذه الخطة واجهت رفضاً واسعاً من الأهالي، لأنها لا تتضمن تفكيك الوحدات المسببة للتلوث أو وقف نشاط المجمع نهائياً، وهو المطلب الأساسي للسكان منذ سنوات.