نشرت وزارة الخارجية الروسية عبر حسابها الرسمي بيانًا حمل نبرة تحذيرية واضحة تجاه اليابان، مؤكدة أنها تراقب عن كثب التحركات الدفاعية التي تقوم بها طوكيو في المرحلة الأخيرة. وجاء في البيان تذكير مباشر بما وصفته موسكو بـ“أخطاء عام 1945”، في إشارة إلى نهاية الحرب العالمية الثانية والاستسلام الياباني، وهي إحالة ذات رمزية ثقيلة الوزن في السياق السياسي الراهن.
ورغم أن البيان لم يتناول موضوع السلاح النووي بشكل مباشر، فإن استحضار سنة 1945 بكل دلالاتها ليس أمرًا عرضيًا، فالغرض الأساسي من هذا التلميح هو استخدام الذاكرة التاريخية كأداة ضغط سياسي تهدف إلى الحد من اندفاع اليابان نحو تعزيز قدراتها الدفاعية أو توسيع نطاق شراكاتها العسكرية، وتبدو موسكو حريصة على التذكير بالإطار السلمي الذي فرضه الدستور الياباني بعد الحرب، واعتباره جزءًا من التوازن الإقليمي الذي لا ترغب روسيا في تغييره.
💬 #Zakharova: We are closely monitoring Japan’s actions in the defence sphere.
☝️ If Tokyo wishes to avoid repeating the mistakes of 1945, it should heed the lessons of history and rely on the still-valid pacifist provisions of its own Сonstitution. pic.twitter.com/PbN6rW1epc
تركّز موسكو في رسالتها على ضرورة التزام اليابان بمحددات “الدفاع الذاتي” وعدم تجاوز الحدود التقليدية لقدراتها العسكرية. وقد أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن على طوكيو استخلاص العبر من الماضي واحترام طبيعة دستورها السلمي، ويأتي هذا الخطاب في وقت تتجه فيه اليابان إلى زيادة إنفاقها الدفاعي وتطوير قدرات صاروخية جديدة، وهو ما تعتبره موسكو تحولًا يمكن أن يؤثر على التوازن الجيوسياسي في شمال شرق آسيا.
يبرز هذا التصعيد في سياق إقليمي معقد يشهد تعاظمًا في التعاون العسكري بين اليابان والولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، إضافة إلى تطور مستمر في القدرات البحرية والجوية اليابانية. كما يتزامن مع مخاوف روسية من اتساع الحضور الأميركي في الجبهة الشرقية لروسيا، وهو ما يجعل أي تحديث في القدرات اليابانية جزءًا من بيئة استراتيجية لا ترغب موسكو في تحولها.
تشير هذه الرسائل إلى رغبة روسية واضحة في منع اليابان من اتخاذ مسار دفاعي أكثر استقلالًا، وتؤكد أن موسكو ترى في أي إعادة صياغة للسياسة الدفاعية اليابانية تهديدًا مباشرًا لمعادلات الأمن التي استقرت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ولهذا يأتي التحذير الروسي مغلّفًا برمزية تاريخية، ليصبح استدعاء 1945 وسيلة للتذكير بأن التوازنات التي نشأت بعد الحرب ما زالت تشكل جزءًا أساسيًا من الحسابات الأمنية الروسية.
وبينما تمضي اليابان في نقاشاتها الداخلية حول تحديث بنيتها الدفاعية، تبدو موسكو مصممة على وضع حدود واضحة لأي تحول تعتبره خروجًا عن الإطار الذي فرضته معادلة ما بعد الحرب. وبذلك لا يكون التحذير الروسي مجرد تعليق دبلوماسي، بل محاولة صريحة لإعادة تثبيت خطوط حمراء في بيئة دولية تتغير بوتيرة متسارعة.