الفصائل الفلسطينية تغادر سوريا
معظم قادة الفصائل الفلسطينية التي تلقت دعما من طهران غادروا دمشق إلى دول عدة بينها لبنان، وفق ما نقلت فرانس برس. وعدّد من بين هؤلاء خالد جبريل، نجل مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، وخالد عبد المجيد، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي في سوريا، وزياد الصغير، الأمين العام لحركة فتح الانتفاضة.وحول ذلك يقول ماهر شاويش الصحفي والكاتب المختص بالشأن الفلسطيني، خلال حديث مع وكالة ستيب نيوز: "غادر هؤلاء القادة لأن علاقتهم بسوريا، طوال عقود، لم تكن مبنية على أهداف وطنية فلسطينية خالصة، أو على تمثيل حقيقي للفلسطينيين وهمومهم، بل على ولاء سياسي وأمني للنظام السابق".ويضيف: " مع سقوط نظام الأسد وصعود إدارة سورية جديدة ذات أولويات سيادية وتنظيمية مختلفة، بات واضحًا أن تلك الفصائل فقدت وظيفتها التقليدية كأدوات للنفوذ الإيراني والسوري".ويؤكد "شاويش" أن مغادرتهم كانت نتيجة طبيعية لتحوّل لم يستوعبوه، مشيراً إلى أنهم لم يبادروا إلى إعادة صياغة علاقتهم مع الدولة الجديدة لأنهم غير مؤهلين، حتى الآن، لفهم المتغيرات أو لمواجهة المساءلة الوطنية.ويلفت "شاويش" أيضاً إلى أن الفصائل الفلسطينية حاولت طرح نفسها على الدولة السورية الجديدة من خلال الاجتماع الأول الذي عُقد في السفارة الفلسطينية بدمشق، لكن هذا الاجتماع قوبل بسخط ورفض شعبي واضح، ما اضطر السفارة ذاتها إلى التراجع عن مقرراته.وجهتهم المقبلة؟!
كانت مصادر فلسطينية في دمشق كشفت في أبريل الماضي أن قوات الأمن السورية اعتقلت القيادي خالد خالد، مسؤول حركة الجهاد الفلسطينية، بالإضافة إلى مسؤول اللجنة التنظيمية للساحة السورية أبو علي ياسر، قبل أن تشرع باقي القيادات بمغادرة سورية وغالباً توجهت نحو لبنان، بحسب تقارير صحفية.يقول "ماهر شاويش": "ليست الأزمة في الجغرافيا، بل في الدور، هذه القيادات تواجه اليوم أزمة مشروعية، وليست فقط أزمة إيواء، ومع تضاؤل الحاضنة الإقليمية لتلك الفصائل، لن يكون أمامها سوى التراجع إلى هامش العمل السياسي، مع محاولة تغيير جلدها عبر بعض القرارات الداخلية، أو الاحتماء بعواصم بديلة تمكّنها من الاستمرار كشكل بلا مضمون".ويشدد "شاويش" على أن هذه الفصائل إذا لم تراجع نفسها وتُعد تعريف دورها الوطني الحقيقي، فإن مصيرها سيكون "الانقراض السياسي، لا الانتقال الجغرافي".ويتابع: " لا تزال لبنان مؤهلة لاستقبالهم حتى الآن، وإنْ بشروط إقامة صعبة، وقد تفتح إيران أبوابها لهم، لكن هذا الأمر قد لا يطول، وهو مرتبط بوضع حزب الله في الداخل اللبناني، ونتائج المفاوضات الأمريكية - الإيرانية حول الملف النووي".لا تساهل ولا تكرار للخطأ
أكدت معلومات وتقارير صحفية أن قادة الفصائل لم يتلقّوا أي طلب رسمي من السلطات بمغادرة الأراضي السورية، لكنهم تعرّضوا لمحاولات تضييق، وتمّت مصادرة ممتلكات تابعة لفصائلهم ومقدراتها، عدا عن اعتقال زملائهم، وباتت تلك الفصائل ممنوعة من العمل بحكم الأمر الواقع.يقول "شاويش": " الدولة السورية الجديدة لم تعد مستعدة لتكرار أخطاء وتجارب الماضي، ولن تتساهل مع أي جسم سياسي فلسطيني مرتبط بولاءات خارجية أو غير منسجم مع سيادتها".ويضيف: "العلاقة اليوم تُبنى من الصفر، على أسس جديدة تنسجم مع رؤيتها. والفصائل، للأسف، ورثت حملًا ثقيلًا من العجز والصمت والتورط، لا سيما تجاه المخيمات المحاصرة".ويؤكد أن هذا الإرث سيبقى عبئًا ما لم تعترف به الفصائل وتعمل بصدق على تصحيحه، بدءًا من محاسبة الذات، ومرورًا بالعمل على الإقرار قولًا وفعلًا بضرورة تمثيل الفلسطيني السوري بكرامة، لا كورقة توظيف.الفصائل تورطت مع الأسد
لم تصرّح السلطات السورية الجديدة حول أساب اعتقال قادة الفصائل الفلسطينية، لكن الأخبار تحدث عن علاقتهم وتواصلهم مع إيران، وهو الامر الذي ترفضه سوريا.يقول "شاويش": "بعض الفصائل الفلسطينية، خصوصًا المرتبطة بمحور طهران، لعبت أدوارًا تتجاوز دورها المفترض كجهات مقاومة، وتحولت إلى أدوات ضغط أو قمع، في سياق أجندات إقليمية".ويؤكد أن هذا التورط الأمني، حتى وإن لم يكن شاملًا، فقد أسهم في تقويض الثقة بها داخل المجتمع السوري، والفلسطيني السوري تحديدًا.بينما يشير بالوقت عينه عن الربط بالاتفاق السوري - الأمريكي، معتبراً أن الإدارة السورية اليوم تتصرف ضمن رؤيتها، وليس بناءً على تفاهمات فوقية فقط، بل انطلاقًا من إعادة ترتيب أولويات الداخل واحتياجاته.عرض هذا المنشور على Instagram