نفّذ آلاف الأطباء الشبان في تونس، اليوم الأربعاء، إضرابًا عامًا شمل جميع المستشفيات وكليات الطب، وسط احتجاجات حاشدة أمام مقر البرلمان، للمطالبة بتحسين الأجور وظروف العمل، محذرين من أن استمرار تدهور القطاع الصحي يهدد بانهيار المنظومة الصحية في البلاد.
فشل المفاوضات وتصاعد الغضب
ويأتي هذا التحرك بعد تعثر جلسة تفاوضية جمعت منظمة الأطباء الشبان مع وزارتي الصحة والمالية وعمادة الأطباء، حيث اتهمت المنظمة وزارة الصحة بانتهاج سياسة "المماطلة والتجاهل"، إلى جانب تعطيل تنفيذ بنود اتفاقيات سابقة.
ويُقدّر عدد الأطباء الشبان في تونس بنحو 7 آلاف طبيب، يتوزعون بين طلاب الطب في مراحلهم المتقدمة، والأطباء المتدربين، وأطباء الاختصاص.
احتجاجات أمام البرلمان
ارتدى المحتجون المعاطف البيضاء ورفعوا لافتات كتب عليها "كرامة للأطباء" و"أنقذوا مستشفياتنا"، في مشهد يعكس تصاعد الاستياء من الأوضاع المتردية داخل المؤسسات الصحية العمومية.
وتأتي هذه الاحتجاجات في سياق موجة من التحركات الاجتماعية التي تشهدها تونس، شملت إضرابات في قطاعي النقل والبنوك، إلى جانب احتجاجات بيئية مستمرة في مدينة قابس جنوب البلاد.
أزمة خدمات عامة وهجرة الكفاءات
ويعاني المواطنون في تونس من تدهور حاد في الخدمات العامة، خاصة في قطاعات الصحة والنقل والتعليم، فضلًا عن الانقطاعات المتكررة في مياه الشرب والكهرباء، نتيجة تقادم البنية التحتية وضعف الاستثمار العمومي.
وقالت طبيبة مقيمة تُدعى مروى: "نحن منهكون، الأجور منخفضة، ونعمل في نظام ينهار. إذا لم يتغير شيء، سيغادر مزيد من الأطباء وستتعمق الأزمة"، مؤكدة أن الوضع لم يعد يُحتمل.
ويشير المحتجون إلى أن تدني الأجور، وتقادُم المعدات، ونقص الإمدادات الطبية الأساسية، كلها عوامل تدفع الأطباء الشبان إلى الهجرة نحو أوروبا ودول الخليج بحثًا عن بيئة عمل أفضل.
تهديدات بالتصعيد
وفي تصريح لوكالة "رويترز"، قال رئيس منظمة الأطباء الشبان، وجيه ذكار: "ما دامت السلطات تتجاهل مطالبنا، سنواصل التصعيد والنضال وقيادة الحراك الاجتماعي في البلاد".
ويعاني النظام الصحي العام في تونس من ضعف مزمن في الاستثمار، ما أدى إلى تفاقم الأزمات ودفع العديد من الكفاءات الطبية إلى مغادرة البلاد.