الشأن السوريسلايد رئيسي

موقع بريطاني يكشف مخاوف تركيا من هجوم إدلب وعن علاقاتها مع روسيا

أظهر تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” للكاتب التركي “راغب سيولو”، الأسباب القريبة والبعيدة للمخاوف التركية من هجوم إدلب، وتراجع العلاقات بينها وروسيا ومدى ارتباطها باتفاقية سوتشي، وسط استمرار المعارك من قبل النظام السوري نحو مناطق الشمال.

علاقات محفوفة بالمخاطر

وبحسب ما أورده الكاتب في تقريره، فإنَّ أنقرة قلقة من علاقتها “المحفوفة بالمخاطر” مع موسكو، التي تبدو وكأنها بدأت بالتفكك، وأنَّ التوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار أصبح بعيد المنال.

وأرجع السبب لقلق تركيا من خسارة الأرض والنفوذ السياسي نتيجة لذلك، خصوصًا أنها أرسلت الأسبوع الماضي شحنات من الأسلحة الثقيلة لفصائل الثوار، بحسب ما قالته مصادر في المعارضة للموقع.

واعتبر أنَّ اتفاقية سوتشي، في أيلول / سبتمبر الفائت، قد أغلقت الطريق على خطط رئيس النظام السوري بشار الأسد لمهاجمة آخر معقل للثوار، خصوصًا أنَّ قوّات الأسد حققت منذ نيسان/ ابريل، تقدمًا على الأرض في محافظة إدلب في جنوب مدينة حماة وشمالها.

وأشار “سيولو” إلى أنه بدلا من منع حكومة الأسد من الهجوم، كما نصّت اتفاقية سوتشي، فإنَّ روسيا انضمت إلى الأسد في الهجوم، وشاركت في القصف، الذي أدى إلى نزوح 300 ألف مدني ومقتل العشرات.

متذرعةً بفشل أنقرة في تخليص منطقة خط التوتر من المجموعات المتطرفة، مثل “هيئة تحرير الشام”، التي يقودها الفرع السوري لتنظيم القاعدة، وفقًا لما قاله المسؤولون الأتراك لـ”ميدل ايست آي”.

الروس يستخدمون تحرير الشام “ذريعة للهجوم”

تحدث مسؤول تركي، اشترط عدم ذكر اسمه، لـ “ميدل ايست آي”، قائلا: “يستخدم الروس وجود هيئة تحرير الشام في إدلب ذريعة للهجوم، ويدّعون أنَّ تطبيق الاتفاق بإخراجهم من المنطقة أخذ وقتا طويلا، كما لأنهم يعتقدون أنَّ نقاط المراقبة التركية توفر شبكة آمنة للمعارضة المسلحة، وساعدتهم على التعافي”.

وأضاف: “إنَّ روسيا تحاول الضغط على تركيا على الأرض، لتقدم تنازلات في مفاوضات التسوية السياسية في سوريا، التي تعقد من وقت إلى آخر في العاصمة الكازاخستانية أستانا”.

وبحسب احصائيات الأمم المتحدة، إنَّ هناك حوالي 3 ملايين شخص محاصرون في إدلب وضواحيها، معظمهم نازحون من مناطق أخرى بسبب الصراع، كما أنَّ تركيا تستضيف أكثر من 3 ملايين لاجئ سوري، وأغلقت حدودها أمام المزيد؛ في محاولة منها “لمنع تفاقم الأزمة”.

وبيّن المسؤول التركي: “إنهم يعلمون أنَّ اللاجئين أمر حساس بالنسبة لنا، فلا نريد أن نرى خسائر في الأرواح، ولا نستطيع أن نتحمل أزمة لاجئين جديدة، لكننا لا نزال نحافظ على قنواتنا مع الروس ونستمر في الحوار السياسي معهم”.

وعّقب الكاتب “سيولو” على الأمر قائلاً، إنَّ المسؤولين الأتراك “يعتقدون أنَّ روسيا تتبع الاستراتيجية ذاتها طيلة الوقت، كما أنَّ أنقرة تعتقد بأنّ موسكو تدفع تركيا إلى الحافة عسكريًا، لتكون لها اليد العليا في مفاوضات أستانا”.

ما علاقة الظروف الاقتصادية للأسد؟

قال المسؤول التركي للموقع: “إنَّ النظام في ظرف سيئ، من ناحية عسكرية واقتصادية، ويخشى من خسارة هذه الفرصة السياسية”.

حيث تشهد مناطق سيطرة النظام السوري معاناة من نقص الوقود، وظروفاً اقتصادية سيئة، تسببت بها عقوبات دولية قاسية، ما أغضب وأحبط الكثير من السوريين الذين وقفوا مع الأسد خلال الحرب الأهلية، بالإضافة إلى أنَّ هجومًا مضادًا من الثوار في شمال حماة كشف عن ضعف قوّات الأسد.

روسيا ليست مؤمنة بالحل السياسي

نقل “سيولو” عن المتحدث السابق باسم أحرار الشام، لبيب النحاس، قوله: “لم تؤمن روسيا أبدا بالحل السياسي”.

وأضاف: “لم يكن الهجوم على إدلب ممكنا العام الماضي بسبب جهوزية المجموعات المسلحة وعدم الرغبة الإيرانية في دعم الهجوم، بالإضافة إلى فشل التسلل الروسي للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وهم يريدون إقناع الناس بالقبول باتفاقيات تنازل، مثل تلك التي تمّ التوصل إليها في دمشق ودرعا”.

بدوره، قال النحاس للموقع إنَّ الروس “يظنون أنهم بحاجة ملحة إلى اختراق عاجل بسبب توقف المفاوضات السياسية، ومعاناة الحكومة السورية اقتصاديا، كما إنهم يرغبون بإلحاق أضرار كبيرة بالمناطق المدنية، ما يتسبب بنزوح المدنيين والضغط عليهم وعلى المجموعات المسلحة للاستسلام”.

تكهنات للخلاف (التركي – الروسي) بشأن إدلب

يشير بعض المحللين إلى أنَّ الضغط على مناطق شمال سوريا، هو جزء من استراتيجية أكبر للقول لأنقرة إنه لا يمكنها التراجع عن شرائها لنظام الدفاع الجوي الروسي أس-400، الذي تسبب بأزمة كبيرة بين تركيا وأمريكا.

وعليه، قال مسؤول تركي: “نظام أس-400 لا علاقة له بهذه القضية.. وأناس آخرون ادعوا بأنَّ الأمر يتعلق بضم (تركيا) لتل رفعت (في شمال سوريا) من خلال التنازل عن أراضي إدلب، وهؤلاء مخطئون”.

أمّا عن رأي أحد المعارضين السوريين، فاعتبر أنَّ المسؤولين الأتراك يرون إدلب ضرورية لأمنهم القومي، قائلاً “دون السيطرة على إدلب، سيكون من المستحيل تأمين عفرين والجيوب الحدودية الأخرى التي تسيطر عليها تركيا”.

وأضاف، “المسؤولون الأتراك لا يلومون المسؤولين الروس بشكل مباشر في تعليقاتهم المتلفزة، ويلومون الحكومة السورية وحدها؛ لأنهم يريدون إبقاء القنوات مفتوحة مع موسكو”.

أمريكا ساعدت تركيا بالضغط على روسيا بشأن إدلب، كيف!!

رأى موقع “ميدل إيست آي” أنَّ أمريكا مهمة في المعادلة، فقد ساعد تصريح شديد اللهجة من الرئيس دونالد ترامب العام الماضي، ضدّ الهجوم على إدلب، أنقرة في إقناع روسيا بأن توقع اتفاق سوتشي، إلّا أنَّ أمريكا تبدو هذه المرة أقل اهتمامًا.

ونقل التقرير بيان وزارة الخارجية الأمريكية الذي نشر يوم الثلاثاء الماضي: “تستمر أمريكا في قلقها بسبب الغارات الجوية التي يقوم بها النظام والروس في شمال سوريا، يجب توقف العنف، وسنستمر في إبراز الآثار الخطيرة لهذه الأفعال في العلن، ومن خلال القنوات الدبلوماسية”.

قذائف مضادة للدروع تسلمتها المعارضة بموافقة أمريكية

قال “سيولو” إنَّ مصادر استخبارات غربية ادعت أنَّ واشنطن سمحت لقوّات المعارضة التي تدعمها تركيا بتسلم قذائف مضادة للدروع وفرتها أمريكا وكانت مخزنة، مستدركًا بأنَّ المعارضة السورية وتركيا أنكرتا هذه الادعاءات.

في حين، قال مسؤول تركي لـ موقع “ميدل ايست آي”، “لقد أعاد الأمريكيون كل شيء إلى أمريكا، ولم يتركوا شيئا خلفهم، أما قذائف (تاو) المستخدمة فقد وزعت قبل عدة سنوات”.

مصافحة روسية مع تحرير الشام

نقل الموقع عن مصدر من المعارضة السورية، قوله بأنه لا حل في إدلب إلّا توقّع روسيا صفقة مع زعيم هيئة تحرير الشام “أبي محمد الجولاني”، تسمح فيها بالوجود العسكري الروسي في جنوب إدلب، وأضاف المصدر: “وقد يكون الحل الآخر بأن يتفق الروس والأتراك على منطقة إنسانية بالقرب من الحدود، لكن هذا كله مجرد تكهنات”.

ومع ذلك، يعتقد البعض أنه من المبكر التنبؤ بما سيحصل في إدلب.

حيث قال مدير الأبحاث الاستراتيجية في معهد الفكر المحافظ، حسن بصري يالسين، إنَّ “على روسيا أن تفكر في العلاقات الأوسع التي تربطها بتركيا عندما يتعلق الأمر بإدلب، ولو توصل الروس إلى ما سيفعلونه في إدلب، فربما كان بإمكانهم أخذها منذ فترة طويلة”.

واعتبر يالسين، “إنهم لا يزالون بحاجة للدعم التركي، وفي النهاية فإنهم لا يريدون إلحاق الضرر بالعلاقة التي طوروها مع أنقرة، فهي أكثر أهمية من نواح كثيرة من السيطرة على إدلب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى